اللاجئون الفلسطينيون يشيّعون شهداء مجزرة مخيم “عين الحلوة”
شيّع مخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين وجواره في مدينة “صيدا” جنوب لبنان، عصر اليوم، شهداء المجزرة التي ارتكبها الطيران الحربي الإسرائيلي باستهداف ملعب الشهيد محمد طه داخل المخيم.
وانطلقت مواكب التشييع من مسجد خالد بن الوليد داخل المخيم، ومن مسجد الإمام علي في منطقة “الفيلات” المحاذية، وسط حضور حاشد من الأهالي والفعاليات الفلسطينية واللبنانية.
وسار المشيّعون خلف نعوش الشهداء في أجواء يغلب عليها الحزن والغضب، فيما ارتفعت هتافات داعمة للمقاومة في لبنان وغزة، ومؤكدة على الثأر للشهداء، ونصرة الأقصى، والتمسك بخيار المقاومة، وسط شعارات ترفض أي محاولة لليأس أو الإخضاع، وتؤكد أن دماء الشهداء ستظل وقودًا لاستمرار النضال.
وفي هذا السياق، قال المسؤول السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في منطقة صيدا، أيمن شناعة، إن “هذه الجريمة ليست حدثًا معزولًا، بل حلقة جديدة في سلسلة المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا في كل أماكن وجودهم، من غزة والضفة إلى المخيمات في لبنان”.
وأضاف شناعة أن “استهداف مجموعة من الفتية في ملعب رياضي يكشف حجم العقلية الإجرامية التي تحكم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، والتي تضرب بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الإنسانية والدولية“.
وأوضح أن “حركة حماس تعتبر أن هذه الجريمة وُجهت ليس فقط إلى أبناء مخيم عين الحلوة، بل إلى كل الشعب الفلسطيني وإلى لبنان أيضاً، إذ يسعى الاحتلال عبرها إلى خلط الأوراق وإشعال التوتر داخل المخيمات، في محاولة يائسة لإضعاف الحاضنة الشعبية للمقاومة وتفكيك البيئة الفلسطينية“.
وتابع: “نضع هذه الجريمة في عهدة الدولة اللبنانية، المسؤولة والمعنية بحماية أمن البلاد وسيادتها من أي عدوان، وندعوها إلى اتخاذ موقف واضح وردع الاحتلال الذي يحاول جرّ المخيمات إلى الفوضى“.
وأكد شناعة أن “الاحتلال يريد دفع شعبنا إلى الهجرة والاقتلاع مرة جديدة، لكن شعبنا واعٍ ولن يقع في هذا الفخ، وهو متمسك بأرضه وحقوقه ووجوده في لبنان إلى حين العودة إلى فلسطين“.
وشدد على أن “المرحلة تتطلب أعلى درجات التكاتف والوحدة الوطنية لمواجهة مخططات الاحتلال، وأن حركة حماس ملتزمة بما التزمت به الدولة اللبنانية، وباتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع الوسطاء، رغم استمرار الاحتلال في انتهاكاته اليومية“.
ومن جهتها، أصدرت “المؤسسة الفلسطينية للشباب والرياضة” بيانًا ندّدت فيه بالاستهداف الصهيوني لملعب الشهيد محمد طه، معتبرةً أنه “غارة جبانة استهدفت شبابًا وفتية أثناء ممارستهم الرياضة“.
وأكّد البيان أن هذا العدوان “امتداد لوحشية المحتل التي طالت الرياضيين والمنشآت الرياضية في قطاع غزة” مشيرًا إلى أن “ادعاء الاحتلال استهداف مركز تدريب مجرد كذب وافتراء، لأن الموقع “ملعب معروف يرتاده شباب المخيم يوميًا“.
وقالت المؤسسة إن دماء الشهداء تؤكد وحدة الأرض ووحدة الشعب ووحدة المصير، داعية الأطر الرياضية إلى إدانة الجريمة والضغط لتجريم الاحتلال ومحاسبته على إرهابه بحق المدنيين.
وبينما يشيّع مخيم عين الحلوة أبناءه الشهداء، تتعاظم الدعوات الفلسطينية واللبنانية لضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته إزاء استمرار الانتهاكات الإسرائيلية التي تهدد الأمن الإقليمي وتستهدف المدنيين بشكل مباشر.
ويؤكد أبناء المخيم أن دماء الشهداء لن تزيدهم إلا تمسكًا بحقوقهم وثوابتهم الوطنية، وأن استهدافهم لن يدفعهم إلى الهجرة أو التخلي عن هويتهم، بل سيعزز صمودهم ووحدتهم في مواجهة الاعتداءات المتواصلة.
ويُعدّ ملعب الشهيد محمد طه من المساحات الرياضية القليلة داخل المخيم المكتظ، ويشكّل متنفسًا أساسيًا لشبابه.
وقد تحوّل الاستهداف الأخير إلى صدمة كبيرة داخل المخيم، نظرًا لطبيعته المدنية الخالصة، ولأن الضحايا جميعهم من الفتية والشباب الذين كانوا يمارسون نشاطهم الرياضي الطبيعي.
ويُعتبر مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، ويقع على أطراف مدينة صيدا الجنوبية، تأسس المخيم عام 1948 لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الذين تهجروا من مدن وقرى فلسطين إثر النكبة، ويقطنه اليوم نحو 80–90 ألف نسمة وفق تقديرات مؤسساتية، مما يجعله من أكثر المخيمات الفلسطينية اكتظاظًا بالسكان.