أكرمني الله بابني محمد في يوم جمعة عند “الله أكبر” الفجر، بتاريخ ١٤-٥-٢٠٠٤.
عند ولادته أصابني خوف من أن يقوم أحد الممرضين باستبداله بطفل أخر، فأوصيت الممرضة بإعطائه لزوجة عمه، ما جعل الممرضة تضحك على تصرفي.
أصبح محمد طفلًا، وأبقيته في البيت خوفًا عليه من الشارع، لكني أيضًا أصابني خوف من بقاءه في البيت، فتركته يلعب مع أطفال الحي، ثم عاد الخوف يتملكني، فأصبحت كلما خرج محمد من البيت، أقوم بإعادته.
ذهب محمد للمدرسة، وظلَّ شعور الخوف يُلازمني، فخفت أن تكون علاماته متدنية دونًا عن أبناء جيله، في ذلك الوقت أنجبت بعملية قيصرية أُخته الصغيرة “لين”، وفي يومي الرابع من الولادة القيصرية، جلست أُدرسه لامتحاناته، متجاهلة ألمي وولادتي الحديثة.
ومن كرمه تعالى، كبُر محمد وأصبح الشاب ابن الجامعة، فكان متفوقًا في كل مرحلة من مراحل حياته، وكلما راح محمد مرحلة، اجتهد أكثر فتفوق أكثر، وأثبت جدارته أكثر فأكثر.
كان ابني من شدة تعلُقي به، كُلما فتحَ باب البيت الساعة السابعة والنصف صباحًا متوجهًا لجامعته، أقف عند الباب، فأَظلُ أُراقبه وأنظر إليه بحب ولهفة حتى يبتعد ويتلاشى من المكان، ثم أعود وأُغلق الباب، لأحمد ربي وأشكره، على جميل كرمه وعطيته.
انتهت السنة الأولى لمحمد بِ جيد جدًا مرتفع، واعدًا إياي ب “الامتياز” في السنة الثانية، لكنَّ حب الله لمحمد كان أكثر من حبي له، إذ كان حبيب قلبي دائما ما يُردد في أيامه الأخيرة، “من أحبَّ لقاء الله، أحبَّ الله لقاءه” ف صدقَ مع الله، ف صدق الله معه، فأخذه مني، واصطفاه شهيدًا، فلله ما أعطى ولله ما أخذ، وفاز محمد بشهادة الآخرة، عِوضًا عن شهادة الدنيا، وأي فوز هذا.